Telegram Group & Telegram Channel
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر مقطع لأحد الفضلاء في مناقشته لرسالة علمية وهو ينبه على خطأ تعبير بعض الباحثين ب (ينظر) بدل (انظر)، وذكر أن الذي اخترع هذا الأسلوب لم يشم رائحة العربية!
وهذا تنبيه من بعض المختصين على صحة هذا الأسلوب لغة إذ يقول هذا الباحث
(سألني صديق عن مقطع فيه تخطئة الإحالة بلفظة: (ينظر) في حواشي الرسائل العلمية، وأن الصواب: (انظر)، فهل هذا صحيح؟

وأقول: الترجيح هنا ليس بين الصواب والخطأ، بل بين الحسن والأحسن، فكلاهما صحيح، ولكن الأحسن والأبلغ الإحالة بصيغة الخبر: (ينظر) سواء كان بالبناء للمعلوم أو للمجهول، وغرضه التأدب مع المخاطبين (القراء)؛ فلا يواجهون بالأمر، وإنما يُتلَطّف في خطابهم بالخبر، وذلك كما تقول لمن تدعوه لزيارتك: تتفضل معنا، أو تزورنا، دون تفضل أو زرنا.

وقد نص على ذلك البلاغيون؛ قال القزويني في الإيضاح: "وقد يقع الخبر موضع الإنشاء لأمور منها: الاحتراز عن صورة الأمر، كقول العبد للمولى إذا حوّل عنه وجهه: يَنظُرُ المولى إليّ ساعة".
قال البهاء السبكي في عروس الأفراح: "فقوله: (ينظر المولى) أكثر تأدبًا من قوله: (انظر)، وإن كان الأمر يشترط فيه الاستعلاءُ ولا استعلاءَ هنا إلا أنه لما كان صيغة أمر اجتُنب".

فالأصل في صيغة (افعل) عند العلماء من الأصوليين والبلاغيين: طلب الإلزام بالفعل، فلذلك استُحسن العدول عنها في هذا المقام.
ومراعاة هذه الاعتبارات يذهل عنها غير البليغ كما يقول السّعد.

- فإن قيل: لكنْ ورد في القرآن: (ربنا اغفر لنا..) بصيغة الأمر.
فيقال: هذا معناه الدعاء، لأن السامع يعلم أن العبد لا يأمر ربه وإنما يدعوه، وهذه هي القرينة التي صرفت صيغة (افعل) إلى هذا المعنى.

- فإن قيل: (ينظر) خبر، وإذا لم ينظر فهو كذب؛ لمخالفته الواقع.
فيقال: يلزمك أن تقول مثل ذلك في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن..)، وعلى كلٍّ فالجواب ظاهر، وهو أن هذا ليس خبرًا محضًا وإنما هو خبرٌ في لفظه فقط ومعناه إنشاء، وقد نص عليه النحاة ابتداء بسيبويه رحمه الله.

هذا، ومن توفيق الله لطالب العلم أن يتمهل ولا يسارع إلى التخطئة قبل التثبت. والله أعلم

وكتب
ياسر بن حامد المطيري
٢٣ شوال ١٤٤٥)



tg-me.com/fwaed_miman/1408
Create:
Last Update:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر مقطع لأحد الفضلاء في مناقشته لرسالة علمية وهو ينبه على خطأ تعبير بعض الباحثين ب (ينظر) بدل (انظر)، وذكر أن الذي اخترع هذا الأسلوب لم يشم رائحة العربية!
وهذا تنبيه من بعض المختصين على صحة هذا الأسلوب لغة إذ يقول هذا الباحث
(سألني صديق عن مقطع فيه تخطئة الإحالة بلفظة: (ينظر) في حواشي الرسائل العلمية، وأن الصواب: (انظر)، فهل هذا صحيح؟

وأقول: الترجيح هنا ليس بين الصواب والخطأ، بل بين الحسن والأحسن، فكلاهما صحيح، ولكن الأحسن والأبلغ الإحالة بصيغة الخبر: (ينظر) سواء كان بالبناء للمعلوم أو للمجهول، وغرضه التأدب مع المخاطبين (القراء)؛ فلا يواجهون بالأمر، وإنما يُتلَطّف في خطابهم بالخبر، وذلك كما تقول لمن تدعوه لزيارتك: تتفضل معنا، أو تزورنا، دون تفضل أو زرنا.

وقد نص على ذلك البلاغيون؛ قال القزويني في الإيضاح: "وقد يقع الخبر موضع الإنشاء لأمور منها: الاحتراز عن صورة الأمر، كقول العبد للمولى إذا حوّل عنه وجهه: يَنظُرُ المولى إليّ ساعة".
قال البهاء السبكي في عروس الأفراح: "فقوله: (ينظر المولى) أكثر تأدبًا من قوله: (انظر)، وإن كان الأمر يشترط فيه الاستعلاءُ ولا استعلاءَ هنا إلا أنه لما كان صيغة أمر اجتُنب".

فالأصل في صيغة (افعل) عند العلماء من الأصوليين والبلاغيين: طلب الإلزام بالفعل، فلذلك استُحسن العدول عنها في هذا المقام.
ومراعاة هذه الاعتبارات يذهل عنها غير البليغ كما يقول السّعد.

- فإن قيل: لكنْ ورد في القرآن: (ربنا اغفر لنا..) بصيغة الأمر.
فيقال: هذا معناه الدعاء، لأن السامع يعلم أن العبد لا يأمر ربه وإنما يدعوه، وهذه هي القرينة التي صرفت صيغة (افعل) إلى هذا المعنى.

- فإن قيل: (ينظر) خبر، وإذا لم ينظر فهو كذب؛ لمخالفته الواقع.
فيقال: يلزمك أن تقول مثل ذلك في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن..)، وعلى كلٍّ فالجواب ظاهر، وهو أن هذا ليس خبرًا محضًا وإنما هو خبرٌ في لفظه فقط ومعناه إنشاء، وقد نص عليه النحاة ابتداء بسيبويه رحمه الله.

هذا، ومن توفيق الله لطالب العلم أن يتمهل ولا يسارع إلى التخطئة قبل التثبت. والله أعلم

وكتب
ياسر بن حامد المطيري
٢٣ شوال ١٤٤٥)

BY قناة الفوائد والفرائد العلمية


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 283

Share with your friend now:
tg-me.com/fwaed_miman/1408

View MORE
Open in Telegram


قناة الفوائد والفرائد العلمية Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

That growth environment will include rising inflation and interest rates. Those upward shifts naturally accompany healthy growth periods as the demand for resources, products and services rise. Importantly, the Federal Reserve has laid out the rationale for not interfering with that natural growth transition.It's not exactly a fad, but there is a widespread willingness to pay up for a growth story. Classic fundamental analysis takes a back seat. Even negative earnings are ignored. In fact, positive earnings seem to be a limiting measure, producing the question, "Is that all you've got?" The preference is a vision of untold riches when the exciting story plays out as expected.

قناة الفوائد والفرائد العلمية from pl


Telegram قناة الفوائد والفرائد العلمية
FROM USA